[
الترهيب من قول الزور والغيبة والشتم يوم الصوم
أيها الأخوة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم ( نفحات رمضانية) : حديثي إليكم اليوم عن الترهيب من قول الزور والغيبة والشتم يوم الصوم .
أحبتي المستعين ما هو الصيام الحقيقي الذي تعبدنا الله عز وجل به ؟ وهل الصيام هو صيام عن الطعام والشراب فقط وإفطار على ما حرم الله من الكذب والغيبة والنميمة وقول الزور والعمل به والسباب والشتم والبهتان وغير ذلك ؟ .
إن الصيام الحقيقي أيها الأخوة ليس امتناعاً فقط عن شهوتي البطن والفرج وإنما هو بالإضافة إلى ذلك امتناع عما حرم الله من جميع الشهوات فيغض الإنسان بصره ويحفظ فرجه ويصون سمعه ويصمت لسانه عن الحرام ، ويقضي ليله ونهاره صائماً قائماً قارئاً ذاكراً ساجداً وراكعاً ، فإن التقرب إلى الله تعالى لا يتم بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، ولهذا قال النبي r : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " خرجه البخاري وفي حديث آخر : " ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث " وقال الحافظ أبو موسى المديني على شرط مسلم ، قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب والطعام . وقال جابر : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أدى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .
إذا لم يكن في السمع مني تصـاون وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحظي إذا من صومي الجوع والطما فإن قلت إني صمت يومي فما صمت
وقال النبي r : " رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر " ، وسر هذا أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات ، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل وإن كان صومه مجزئاً عند الجمهور بحيث لا يؤمر بإعادته لأن العمل إنما يبطل بارتكاب ما نهي عنه فيه لخصوصه دون ارتكاب ما نهي عنه لغير معنى يختص به ، هذا هو أصل جمهور العلماء ، وفي مسند الإمام أحمد أن امرأتين صامتا في عهد النبي r فكادتا أن تموتا من العطش فذكر ذلك للنبي r فأعرض ثم ذكرتا له فدعاهما فأمرهما أن يتقيئآ فقاءّتا ملء قدح قيحاً ودماً وصديداً ولحماً عبيطاً ، فقال النبي r: " إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس" . ولهذا المعنى والله أعلم ورد في القرآن بعد ذكر تحريم الطعام والشراب على الصائم بالنهار ذكر تحريم أكل أموال الناس بالباطل فإن تحريم هذا عام في كل زمان ومكان بخلاف الطعام والشراب ، فكان إشارة إلى أن من امتثل أمر الله في اجتناب الطعام والشراب في نهار صومه فليمتثل أمره في اجتناب أكل الأموال بالباطل فإنه محرم بكل حال لا يباح في وقت من الأوقات
وإليكم إخوتي المستمعين طائفة من الأحاديث النبوية في الترهيب من قول الزور والغيبة والبهتان والشتم يوم الصوم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : " قال الله - تبارك وتعالى - : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله أحد فليقل إني امرؤ صائم ، فوالذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، وللصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه " رواه البخاري ومسلم . الرفث : فحش القول ، الصخب : الصياح والجلبة والخصومة .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : " الصيام جنة ما لم يخرقه " قيل : وبم يخرقه ؟ قال : " بكذب أو بغيبة " .
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي r قال : " الصيام جنة من النار ، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذ ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه وليقل إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " أخرجه النسائي .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري . وفي حديث آخر عنه r : " من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فلا حاجة لله بأن يدع طعامه وشرابه " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي r قال : " ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث " رواه البيهقي .
نسأل الله أن يوفقنا للصيام على الوجه الذي يرضيه عنا وألا يجعلنا ممن حظه من الصيام الجوع والظمأ ومن قيامه السهر والتعب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .